يكاد لا يمر يومٌ لا يستشعر المرء فيه القفزات التًحولية التي تأخذ في غالبها الشكل العمراني والاقتصادي و التنموي، و في خضم ذلك يحاول أن يتلمس ذاته، هويته، فكره، وما يحيط به مُؤثراً أو مُتأثراً به. يبحث عن روابط مشتركة بين هذه المتغيرات على الأرض و بينه، هل انفصلت ذاته، و ما يمثلها من "فكر" عن ركب الحضارة، وهل تأخذ مكانها من دونه؟
إن ما يتطلع إليه العالم في هذا الوقت هو "المسألة الفكرية" مُنفصلة عن المسألة العلمية. إما أن تختار "الفكر" أولاً ، أو الحضارة من غير الفكر ، و أعني بالحضارة، الشيء الذي يخرجه المتحضرون لنا. إن تم قبول السبيل الأول فإن المجتمعات التي اقتدت بحضارات الغير، من دون وعي اجتماعي، و شعور إنساني بالوعي الفردي، و من دون فكر، فإن اقتدائها الذي يسمى "نهضة" ، ستكون فالحقيقة نهضة كاذبة، فمن دون فكر نابع من المجتمعات ستكون عرضة للانقياد ، و مُسخرة للحضارات الأخرى على الدوام.
من متممات البلوغ الفكري في المتجمع، هو التعليم، الذي يتعدى حدود رفد الأفراد بالمعرفة الضرورية في تسيير حياته، و إنما نقله إلى مرحلة غير المستهلك و المستورد و إنما المصدر و المتفاعل على الصعيدين العلمي و الفكري. وقد كشفت التجارب أن المجتمعات التي بدأت من عقيدة فكرية، و تحركت بعد تحقق وعيها الفردي و الاجتماعي، قد وقفت اليوم في صف القدرات التي تصنع الحضارة العالمية.
الكفاءة العلمية المنفصلة عن الكفاءة الفكرية، تؤدي إلى فصل المجتمع عن ذاته. و يؤدي حصر الرافد التعليمي بالعلوم التطبيقية إلى إلهاء الأفراد عن الشعور بالجوع الفكري. و المجتمعات التي تفتقر إلى التواصل مع فكرها هي مجتمعات ستنظر إلى إفرازات الحضارات الأخرى، بانبهار و خنوع. و من تبعات هذه النظرة، أن يخرج جيل يستحقر نفسه بنفسه، و سيكون حقيراً أيضا بنظر الآخر. فسياسة "الاسترقاق الفكري"، تقتضي التحقير أولاً كما هو معلوم من علوم الاجتماع، أي أن يُحَقر الذي يراد استرقاقه فكرياً، حتى يظن أنه من طبقة دَنية فكرياً، ثم يتقبل التبعية بالرحب، و يلجأ إلى التخلي عن ثقافته وفكره.
فالعنصر الأفضل "ليس بالضرورة فكريا"، يعمل على تحقير العنصر الآخر ليسيطر عليه و يستعمره، و على هذا فإن العنصر الأضعف يلجأ إلى العنصر الأقوى، فينسلخ من جلده حتى يكون على شاكلة الأخر تفادياً لامتهانه و تحقيره . و من ثم تتسربل ثقافة الآخر و فكره حول العنصر الأضعف كجلده. ومن تجليات ذلك ، أن نرى أنه بلغ الأمر أن بعض المثقفين يفخرون أنهم نسوا لغتهم و ثقافتهم. و يتبعون مُخرجات الآخر الفكرية "تقليداً و ليس عن دليل"، حيث تصبح المؤسسة التعليمية، "مؤسسة استنساخ فكري"، يتناسخ فيها الأفراد ، حين يحل فيهم فكر الآخر "حُلولاً"، و ما أكثر من يؤمنون بالتناسخ و"الحلول الفكري" في عصرنا. فما أشبههم بالطفل الذي تهينه أمه وتضربه، فيلجأ إليها ليأمن من سخطها.
فكرنا و ذاتنا ، هو حصيلة تاريخ و جغرافيا ، و علوم و فنون و آداب مجتمعنا، و البيئة التي تحتوينا. أن نقلب وجهنا شطر المشرق و المغرب، لن يأتي لنا بنهضة حضارية بين ليلة و ضحاها. إن ابن الأرض هو من يصنع التقدم، ليس "بساعده" فقط و لكن مع "فكره".
إن ما يتطلع إليه العالم في هذا الوقت هو "المسألة الفكرية" مُنفصلة عن المسألة العلمية. إما أن تختار "الفكر" أولاً ، أو الحضارة من غير الفكر ، و أعني بالحضارة، الشيء الذي يخرجه المتحضرون لنا. إن تم قبول السبيل الأول فإن المجتمعات التي اقتدت بحضارات الغير، من دون وعي اجتماعي، و شعور إنساني بالوعي الفردي، و من دون فكر، فإن اقتدائها الذي يسمى "نهضة" ، ستكون فالحقيقة نهضة كاذبة، فمن دون فكر نابع من المجتمعات ستكون عرضة للانقياد ، و مُسخرة للحضارات الأخرى على الدوام.
من متممات البلوغ الفكري في المتجمع، هو التعليم، الذي يتعدى حدود رفد الأفراد بالمعرفة الضرورية في تسيير حياته، و إنما نقله إلى مرحلة غير المستهلك و المستورد و إنما المصدر و المتفاعل على الصعيدين العلمي و الفكري. وقد كشفت التجارب أن المجتمعات التي بدأت من عقيدة فكرية، و تحركت بعد تحقق وعيها الفردي و الاجتماعي، قد وقفت اليوم في صف القدرات التي تصنع الحضارة العالمية.
الكفاءة العلمية المنفصلة عن الكفاءة الفكرية، تؤدي إلى فصل المجتمع عن ذاته. و يؤدي حصر الرافد التعليمي بالعلوم التطبيقية إلى إلهاء الأفراد عن الشعور بالجوع الفكري. و المجتمعات التي تفتقر إلى التواصل مع فكرها هي مجتمعات ستنظر إلى إفرازات الحضارات الأخرى، بانبهار و خنوع. و من تبعات هذه النظرة، أن يخرج جيل يستحقر نفسه بنفسه، و سيكون حقيراً أيضا بنظر الآخر. فسياسة "الاسترقاق الفكري"، تقتضي التحقير أولاً كما هو معلوم من علوم الاجتماع، أي أن يُحَقر الذي يراد استرقاقه فكرياً، حتى يظن أنه من طبقة دَنية فكرياً، ثم يتقبل التبعية بالرحب، و يلجأ إلى التخلي عن ثقافته وفكره.
فالعنصر الأفضل "ليس بالضرورة فكريا"، يعمل على تحقير العنصر الآخر ليسيطر عليه و يستعمره، و على هذا فإن العنصر الأضعف يلجأ إلى العنصر الأقوى، فينسلخ من جلده حتى يكون على شاكلة الأخر تفادياً لامتهانه و تحقيره . و من ثم تتسربل ثقافة الآخر و فكره حول العنصر الأضعف كجلده. ومن تجليات ذلك ، أن نرى أنه بلغ الأمر أن بعض المثقفين يفخرون أنهم نسوا لغتهم و ثقافتهم. و يتبعون مُخرجات الآخر الفكرية "تقليداً و ليس عن دليل"، حيث تصبح المؤسسة التعليمية، "مؤسسة استنساخ فكري"، يتناسخ فيها الأفراد ، حين يحل فيهم فكر الآخر "حُلولاً"، و ما أكثر من يؤمنون بالتناسخ و"الحلول الفكري" في عصرنا. فما أشبههم بالطفل الذي تهينه أمه وتضربه، فيلجأ إليها ليأمن من سخطها.
فكرنا و ذاتنا ، هو حصيلة تاريخ و جغرافيا ، و علوم و فنون و آداب مجتمعنا، و البيئة التي تحتوينا. أن نقلب وجهنا شطر المشرق و المغرب، لن يأتي لنا بنهضة حضارية بين ليلة و ضحاها. إن ابن الأرض هو من يصنع التقدم، ليس "بساعده" فقط و لكن مع "فكره".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق